بدأت صلتي بالمرحوم سي الهادي منذ سنة 1975 أي منذ التحاقي للعمل بشركة المقاولات التي كان يرأسها ويديرها وهي « مقاولات ألإخوة البوشماوي » والتي أنشأت مع مطلع الخمسينات ومقرها بوشمة في مدينة قابس حيث بدأت الانطلاقة باقامة السدود ومد الطرقات ومختلف الأعمال الانشائية الأخرى ، ثم ما لبثت أن تطورت أنشطة الشركة تدريجيا لتشمل اقامة العديد من المشاريع الحيوية الأخرى انطلاقا من ولاية قابس حيث أنجزت على سبيل الذكر و في بداية الستينات المعهد المختلط ونزل الواحة و مركز الصناعات التقليدية ومعهد سيدي مرزوق و المركز القطاعي الفني التونسي السويسري (Centre Sectoriel Tuniso-Suisse) ثم سرعان ما توسع نشاط المقاولة ليشمل اقامة مشاريع بولايات أخرى نذكر من بينها : المعهد ثانوي و مقر إدارة الشركة التونسية للكهرباء والغاز و مشروع وادي بياش بولاية قفصة و نزل الواحة بولاية توزر وعدة مشاربع أخرى بالجنوب و الوسط التونسي وجدير بالذكر أن سي الهادي كان يولي التكوين أهمية قصوى حيث أنه كان يؤمن أن الأجير أو العامل المتكون تكوينا سليما قد ضمن مستقبله ولا خوف عليه من البطالة أو الخصاصة ، و قد حرص بهذا الخصوص وعندما ينتدب عددا من الشباب للعمل في الشركة أن يوفر لهم التكوين والرسكلة على أيدي مختصين في المجالات التي انتدبوا من أجلها، فمثلا وفي مجال فن البناء و النقش على الحجارة كان سي الهادي أول من أدخل هذا الاختصاص بولاية قابس و الجنوب التونسي ، كما قام في السبعينيات بتكوين وتدريب عدد كبير من الفنيين في الميكانيك العام واللحام و الكهرباء ومع تطور أنشطة الشركة وتوسعها ، بادرت باقتحام قطاع الطاقة حيث أنجزت عدة مشاريع للأشغال البترولية بداية من الستينيات الى أواخر التسعينيات بحقل « البرمة » بالتعامل مع شركات SODEPS و STEG و ETAP و شركات أخرى. ولعلي أذكر من أهم المشاريع التي أنجزت في تلك الفترة مشروع خط الأنابيب الذي يمتد لحوالي 320 كلم و من أهم المشاريع التي قام بها سي الهادي خارج الوطن مشروع مقاومة الانجراف بليبيا، والذي كان يشغل قرابة 8000 عامل تونسي جميع هذه المشاريع كانت تنفذ تحت إشراف سي الهادي من تسييرومتابعة ومسؤولية، فكان المهندس و المسيّر والمكوّن والمراقب والمتابع لكلّ كبيرة وصغيرة صحبة المهندسين و رؤساء الحظائر وفي سنة 1984 فتح سي الهادي مدرسة أخرى لتعليم اللحام العصري جلب لها فنيين وخبراء من الخارج ، للقيام بأشغال اللحام الذي تتطلبه المنصة العائمة التي بدأت عملية تركيبها بميناء قابس. وتم اختيار شبان من المنطقة وخارجها للتكوين والذين تحصلوا على شهادات معتمدة في تقنيات اللحام ومطابقته للمواصفات ، وقد تمكنوا من القيام بأشغالهم بكل كفاءة واقتدار بفضل ما تعلموه من خبرة وتدرب في هذه المدرسة ،وقد تم انجاز المنصة العائمة Plate-forme بكل نجاح وهو مشروع وطني استراتيجي ورائد ، نفذ بيد عاملة ومهندسين تونسيين ومع مطلع التسعينات أنشأ سي الهادي شركة « هادي بوشماوي وأبناؤه للبترول » HBS وتحصل على رخصة التنقيب عن البترول وهي أول رخصة تسند لمستثمر في القطاع الخاص في تاريخ تونس و في شمال إفريقيا أما بالنسبة للمشاريع الخيرية التي قام بها فأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: توسعة و تهيئة الجامع الكبير ببوشمة و تهذيب وتوسعة الولي الصالح سيدي على الشتاوي وتوسعة مقام الولي الصالح سيدي بولبابة بقابس كما كان يقوم بمساعدة عدد من العائلات المعوزة سواء بصفة دورية أو في المناسبات ، و قد واصل أبناؤه على هذا المنوال وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول أن هذا الرجل صاحب الإرادة والعزيمة القوية الصلبة التي قل مثيلها في وطننا، عمل بإخلاص وثقة وحزم :كان لا يفكر إلاّ في إنجاح المشاريع التي تعود بالنفع على الوطن. كان صادقا ،مثاليا ،متواضعا،لا يؤمن بالمستحيل، شعاره العمل ثم العمل ثم العمل في مناخ من الثقة والاحترام وخاصة حب الوطن كان حقا رجلا من زمن العظماء، ورمزا ليس ككل الرموز، فما تركه هذا الرجل الفذ من خدمات ومشاريع يشهد بها التاريخ إلى اليوم …… رحم الله سي الهادي وأسكنه فراديس الجنان
