التحقت بشركة البوشماوي للأنشطة البترولية (BAP) في أواخر سنة 1977 أين باشرت عملي بمكتب الدراسات الذي يشرف عليه سي الهادي شخصيا بمنطقة الشرقية بتونس العاصمة. وكان المسؤول عن المكتب المذكور آنذاك السيد عمرقاسم مع ثلة من التقنيين أغلبهم في اختصاص قيس الأراضي أذكر منهم السيد الحبيب حمادي. بعد فترة، تحولت الى الصحراء وبالضبط الى مشروع البرمة حيث ننتقل اليها بواسطة الطائرة من جربة الى رمادة ثم نكمل الطريق بواسطة السيارات رباعية الدفع. كان المشروع ضخما ينقسم الى أشغال هندسة مدنية و طرقات وشبكات مختلفة وتجهيزات خاصة لمحطات الضخ ووضع خطوط الأنابيب …
عملت مع فريق قيس الأراضي حيث كانت المهمة تتمثل في المسح الطوبوغرافي وتثبيت أوتاد وعلامات لفتح المسالك والطرقات ومتابعة الأشغال. إضافة الى تلك الأنشطة، كنت أتولى طلب القنوات الحديدية بمختلف الأحجام من شركة سيربت وأتابع فريق العمل الذي يقوم بوضعها وإسنادها لتكون جاهزة لفريق اللحام… كما كلفني المرحوم سي الهادي بتعلم كيفية تدوير القنوات في مستوى المنعطفــــــــــــات (Ceintrage des tubes selon l’angle voulu) بواسطة آلة كان يعمل عليها فني مختص فرنسي الجنسية. فتعلمت منه هذا الإختصاص وأصبحت أقوم بنفسي بكل الأعمال خاصة عند مغادرة هذا الأخير التراب التونسي.
كان المرحوم يزور الحضيرة بصفة منتظمة أسبوعيا وكان يتابع كل تفاصيل مراحل العمل بكل دقة. كان كل شخص بداية من العامل البسيط الى أعلى مسؤول منكبين على توضيب أعمالهم آخذين بعين الاعتبار الملاحظات و التوصيات الهادفة لاعطاء مزيد من الفاعلية على حسن سير الأعمال.
ما لاحظته خلال فترة عملي آنذاك، انفراد شركة البوشماوي للأنشطة البترولية (BAP) بالعديد من الصفات الإيجابية أهمها المراهنة على التكوين في كل المجالات بالرغم من أن هذه المهمة تكلف الشركة أموالا طائلة لما توفره من معدات ومواد وإمكانات بشرية وهو ما ميزها على المقاولات العاملة في المجال. أما مجالات التكوين، فهي التالية:
• اللحام الآلي
• قيس الأراضي
• سياقة المعدات الثقيلة من آلات ماسحة وآلات جارفة
• صيانة ميكانيك وكهرباء السيارات والمعدات بكل انواعها.
مثلما هو مبين أعلاه، لم يختصر دور شركة البوشماوي للأنشطة البترولية ( BAP) خلال الثمانينات على إنجاز المشاريع الكبرى فقط بل انفردت على غيرها من المؤسسات بمهمة تكوين اليد العاملة المختصة التي والحقيقة تقال ساهمت مساهمة كبيرة في إنجاح المؤسسة كما لعبت دورا هاما في توفير فرص للشباب فيما بعد للعمل بالشركات المنتصبة بالجهة خاصة منها المجمع الكيميائي وشركة إسمنت قابس والشركات الخاصة وكافة وحدات الإنتاج بالمركب الصناعي بقابس.
وأغتنم هذه الفرصة للترحم على روحه الزكية لما قدمه من دعم لمشروع اعادة تهيئة وبناء مقر زاوية سيدي عبد السلام خلال التسعينات ليصبح فيما بعد مقرا للمناسبات يجتمع فيه أهالي القرية في الأفراح و المآتم بدون دفع أي مقابل : يثير هذا المشروع إعجاب كل من تشرف بزيارته نظرا لدوره في لم شمل كافة أهالي المنطقة في السراء والضراء.